دراهم البؤس
لازال مفهوم قوامة الرجل على المرأة يتعرض للتشويه والتحريف في مجتمعاتنا من قبل أفرادٍ يعانون ضعفاً وجهلاً في فهم مضمون الأحكام . فالولاية التي تهدف لحفظ وصيانة المرأة واختيار الأفضل لها أصبحت مصدر شقاء وتعاسة , لتتضح بذلك معالم الجشع والطمع الأسري للعيان مع تنوع الأسباب بين الإستيلاء على راتبها أو تزويجها من نفس القبيلة وأسباب أخرى واهية .
ففي الإحصائية الأخيرة التي سجلتها المحاكم السعودية إتضح إرتفاع نسبة قضايا العضل خلال الشهرين الماضيين من العام الهجري الحالي - محرم وصفر 1435هـ لتصل إلى 101 دعوى عضل . ومؤكد أن خلف هذا العدد فتياتٌ كثيرات تم عضلهن ولكن لم يرفعن قضايا إتجاه آبائهن , ولكم تخيل أسباب ذلك . ففتاة تتعرض للحرمان من أبسط حقّ لها من قبل وليّها الذي يفترض أن يكون السبّاق لإسعادها كيف لتفاصيل حياتها أن تكون !؟ .
النظام في السعودية يقف إلى جانب المرأة المعضولة من خلال تطبيقه لأحكام الشريعة الإسلامية التي تجرّم العضل , وبإدراجه ضمن قضايا الإتجار بالبشر تعتبر خطوة جيدة من قِبل حقوق الإنسان يُتهم فيها المُعضِل جنائياً لو تم إثبات ذلك بفسخ الولاية منه ونقلها إلى الغير الذي يراعي حقوقها ويصونها , وتسجيل عقوبة ضد المُعضِل تصل إلى 15 سنة وغرامة مليون ريال . ويدخل هذا القرار ضمن صلاحيات الهيئة ليكون لها الحق بموجب النظام بالكشف عن تصرفات أولياء المعضولات للحد من إنتشارها .
لذلك على المعضولة أن تحصل حقها الشرعي متوجهة إلى القضاء لإنصافها وعدم هدر بقية حياتها تصارع لوعة الوحدة بلا زوج ولهيب الظلم من والدها .
لا أعرف ماذا أسمي هذه العوائل التي تحرم بناتها من حق شرعيّ لها .. من تكوين أسرةٍ والمضي في حياة مثمرة منجزة مع شريك الحياة .. من سعادة إن شاء الله , متجاهلين نفسية وإحتياج الفتاة والألم الذي يعتصرها والسنين تمر وهي في ركب العازبات بسبب تفكيرٍ عقيم . فإبنة ترفع قضية عضلٍ والمتهم فيها وليّها مؤكدٌ بأنها خطوةٌ فكرت فيها كثيراً قبل أن تخوض غمارها , ومؤكدٌ بأنها متألمة وهي تشير إليه بإصبع الإتهام والحرمان , لكن .. هو من أجبرها .. هو من جعلها تقف خصماً ضده .. هو الذي حرمها وسلبها حقها .. ومن أجل ماذا ؟ , من أجل دراهمٍ أو مبدأٍ عقيم .
الإحصائية الأخيرة تطرح إستفهامات تحاكي ضمير الآباء العاضلين : كيف تنام الليل ولديك فتاةٌ تصارع همّ الزمن وحيدة بسببك؟ , هل تستمتع بدراهم بؤسها؟ , وهل لديك حجةٌ قوية تقابل بها رب العباد لفعلتك؟ .
ليلى باعطية